كفاح محمود

إقليم كردستان العراق وتحديات التعايش!

هنا في بلاد الرافدين، تحديداً في إقليم كردستان العراق، وعبر تاريخ هذه المنطقة من العالم، من أقصى ممالك ميديا إلى أقصاها في ممالك آشور، نزولاً إلى أور وطيات الهجرات الأولى لشعوب وأقوام شمال ما بين النهرين إلى جنوبه، حيث أولى بصمات الحضارة وحرفها السومري الأول في مقامات الكلام وباكورة أنسنة الإنسان البدائي، صعوداً إلى تلك الهضاب بين أكد وبابل الحضارة والجمال وأختام القوانين وبدايات عصر النواميس والدساتير، كان التعايش هو التحدي الأكبر بين الأقوام والأعراق والأديان، التي أخذت أشكالها وطيّات سيكولوجيتها من تضاريس هذه البلاد واختلاف أشكالها وألوانها، جبالها ووديانها، حيث توزعت مشارب البشر وانتماءاته

الميكافيلية بين السلطة والآيديولوجيا

المكيافيلية نظرية أو مبدأ تبناه المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي نيكولو مكيافيلي في القرن السادس عشر، حيث يعتقد أن صاحب الهدف باستطاعته أن يستخدم الوسيلة التي يريدها أياً كانت وكيفما كانت دون قيود أو شروط، وباختصار كان هذا المبدأ الأساس الذي بنيت عليه فكرة الغاية تبرر الوسيلة التي أصبحت لدى الكثير من النظم السياسية وأدواتها من الأحزاب والأفراد نهجاً وقاعدة للتسلق واستجداء الشرعية عبر سلوك إعلامي ودعائي أقل ما يقال عنه إنه مكيافيلي لا يهمه في تحقيق أهدافه انتهاج أي وسيلة من الوسائل مهما كانت في طبيعتها عدائية أو شوفينية أو كارثية كما حصل في مراحل كثيرة من تاريخ البشرية القديم والحديث، حيث أدت

الزينة السياسية

واحد من أهم أوجه الصراع في حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي ومجموعته الأوروبية الشرقية وبين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الغربية كان موضوع النظام الديمقراطي الذي تباهت به أميركا وبريطانيا وحلفاؤهما أمام الروس، ومجموعتهم من الدول التي استنسخت النظام الشمولي تحت شعار دكتاتورية البروليتاريا التي بَشَّر بها الفيلسوف الألماني كارل ماركس (1818 - 1883) وتوقعها في بريطانيا على فرضية وجود طبقة عمالية مقهورة، إلا أن ذلك لم يحدث، إذ نجحت ثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1917، في أن تشرع بتطبيقات حكم طبقة العمال والفلاحين، وفي الجانب الثاني كانت الرأسمالية تتطوّر لتنافس ذلك النظام بمنظومة سياسية و

بين الاغتراب القسري والاختياري!

من الصعوبة بمكان إيجاد تعريف شامل لفكرة الاغتراب، لاختلاف مفهومه واستخداماته في الفلسفة والاجتماع والسياسة، وفي التحليل النفسي أيضاً، ناهيك عن السلوك الاجتماعي المتعدد الأوجه بيئياً وجغرافياً، رغم أنه، أي الاغتراب، فكرة قديمة، وقد تناولها الكتاب والفلاسفة منذ القدم حتى عصرنا هذا من زاويتين؛ إحداهما الاغتراب عن المكان، سواء كان ذلك الاغتراب عن الوطن اختيارياً أو قسرياً، حيث وقفوا على ما يصاحبه من أمور تمس النفس الإنسانية وعلاقتها بطبيعة الحكم والنظام السياسي في الوطن الأم من جهة، وبينها وبين النظام الاجتماعي وما تصبو إليه من علاقات مغايرة، ومن زاوية أخرى التفتوا إلى ذلك الإحساس بالاغتراب الذي ي

جورج أورويل وأنظمة النقيق السياسي!

لم يكن الروائي البريطاني جورج أورويل، يدرك أن توقعاته لشكل النظام السياسي في روايته 1984 التي كتبها في 1949 قد جاءت متأخرة كثيراً عمّا أنتجه الشرق الأوسط من أنظمة (الزعيم الأوحد وملك الملوك والقائد الضرورة وإمام الأمة) والتي كانت متفوقة أو مطابقة أو ربما أكثر توحشاً من (الأخ الأكبر)، الذي جاء كناتج تطوري على طريقة تشارلز داروين صاحب نظرية التطور، وبدلاً من أخ كبير واحد أصبح لدينا بالتكاثر العشرات من ذلك الأوحد ممن يحملون ذات الجينات ولكن أكثر تطوراً، والتطور هنا ليس بالضرورة إلى الأمام، بل ربما يكون عكسياً كما يرى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه!

الأقليات وعقدة الأغلبية!

لطالما استخدم السياسيون والباحثون مصطلح «مشكلة الأقليات» في البلدان ذات المكونات العرقية والقومية والدينية المختلفة، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، حيث برزت منذ بدايات القرن الماضي إشكاليات التعاطي معها، وكيفية إشراكها في الحكم، واحترام خصوصياتها، بعيداً عن الاحتواء والإذابة في الأغلبية.

الديمقراطية المستنسخة وتشوهاتها

منذ أن تأسست معظم الكيانات السياسية الحديثة في الشرق الأوسط بعد اتفاقية سايكس بيكو، عملت غالبية النخب ومفكريها وواجهاتها من القوى والجمعيات والأحزاب السياسية يميناً ويساراً، على استنساخ التجربة الديمقراطية الغربية ومحاولة تطبيقها في تلك الكيانات التي أنتجتها توافقات غربية ومصالح الدول المنتصرة في الحربين الأولى والثانية، بعيداً عن الخوض في التراكم القيمي الديني والاجتماعي المتوارث. ورغم الكم الهائل من الخسائر الفادحة التي مُنيت بها تلك القوى، فإنها لم تحقق الحد الأدنى لطموحاتها في تحويل تلك الكيانات إلى دول مواطنة يتمتع فيها الإنسان بحريته الكاملة في الرأي وتقرير المصير والعقيدة والانتماء، ولع